حركة الأرجوحة حركة دفاعية في رياضة المونوتييزم و تنتمي لصنف حركات الموج
حركة الأرجوحة
⇐ ⇐ ⇐ ⇐
إن المتأمل في هذا الكون الشاسع ، يلاحظ في كل آن ، جمال و تناسق بديع للصور الكونية ، (سواء كانت صور حركية ميكانيكية ، أو صور شكلية أو صور حسية أو نفسية و روحية …. )
هذه الصور الكونية تكشف للمتأمّل و المتفكّر، صيغة التآلف و التطابق و التماثل البديع، الذي بدوره يوحي بالوحدة (1) الفنية لهيكليّة هذا الكون الممتد.
و ما رياضة ” المونوتييزم ” إلا صورة من هذه الصور، التي لا تحصى ولا تعد .
إن الأمثال و التطبيقات للصورة الفنية للموج ، تتجلى في حركة الأرجوحة بعناوين و مواضيع متعددة نذكر منها :
الحركات و القوى الميكانيكية – الإيقاع السمعي و الموجات الصوتية – التنوع اللوني و التدرجات الضوئية …
الموضوع الأول :
الحركات و القوى الميكانيكية
حركة الأرجوحة في رياضة المونوتييزم ، حركة فنية من عائلة حركات الموج ، تماثل في صورتها الحركية حركة الموجة على حافة اليابسة .
فتعبئة الموجة و تعاظم حجمها حسب العمق ، ثم اقترابها من الساحل تدريجيا، هي قوة عظيمة تفتك بكل من يحاول اعتراضها (صورة 1 و 2 ) ، كذلك بداية مشهد حركة الأرجوحة في هجومها .
صورة 1
صورة 2
إن المتأمل في القوى الميكانيكية لحركة الموج يرى الحجم المائي المتراكم و المتصاعد يسير في اتجاه معين ، مولدا قوة كبرى ، هذه القوة العظيمة ، عبارة على هجوم موجه يحمل في طياته قوى و معاني عديدة ، منها التخلص من الخصم ، كما يتخلص البحر من فضلات الإنسان ، و ذلك برميها خارجا على ضفاف السواحل ، و كأنه يقول للبشرية جمعاء ، خذوا أوساخكم و قذاراتكم بعيدا عني ، فقد أكلتم و تأكلون من خيري و تدنسون و تعكرون صفوي(2) …
…… لكن هذا التخلص و بهذه الكيفية لا جدوى منه لأنه وقتي ، و تبقى أوساخنا تترنح على شواطِئَ ملت و كلت …. فالخلاص الوحيد هو تدخل هذا الإنسان و كفه عن الإيذاء و عدم المبالات ، سواء بتطهير البحار و السواحل من الفضلات مع الإحساس بروح المسؤولية و التحكم في كل الحركات الإرادية و الغير إرادية من رمي كيس من البلاستك في هذا الكون الفسيح أو أي مادة أخرى مضرة للبيئة قليلة كانت أم كثيرة ….
مقابل هذه القوة العظيمة و هذا الهجوم المشروع كونيا و ليس تشريعيا(3) تظهر ردة الفعل الخفيفة و الظريفة ، هي ردة فعل فطرية ترتكز على الليونة و الحكمة ، تكاد تكون مخفية ، و لكن آثارها إيجابية يقينية …
فهذه القوة الخفيفة و اللطيفة من ردة الفعل الظريفة ، و التي تكاد تكون مخفية ، تظهر في سريان الماء و رجوعه بلطف بعد ملامسته حافة اليابسة (الشاطئ) ، عملية الجزر التي تصاحب عملية المد للموجة . (صورة 3 و 4 )
صورة 3
هذه الحركة الخفيفة لعودة الماء و سريانه متسللا تحت مياه الموج المتراكمة والمتتالية ، هي نفسها حركة الدفاع الفطرية ، المتمثلة في الانحناء و التسلل تحت المنافس بخفة و سلاسة للوصول إلى محور الهجوم و توجيهه نحو الهدف المنشود بعيدا عن الصدام …
عملية المتابعة و المسايرة للحركة ، مع التزامن و التناسق المطلوب ، حتى التمازج و التحلل ، تجعل المدافع يوظف قوة المهاجم و يستغلها في دفاعه ، فيقلل بذلك من مجهوده و طاقته للوصول إلى غايته ، بدون ضرر و لا عناء و ذلك تطبيقا لقاعدة أساسية في رياضة المونوتييزم ألا وهي : ( توظيف المقتضى للوصول إلى المرتضى ) و كذلك قاعدة : ( بأقل مجهود إلى أعلى مردود ) (4)
صورة 4
هذا التمركز الخفي للمدافع إثر تسلله بلطف تحت المهاجم يجعله في محور الصورة الحركية ، مؤثرا دون ظهور ، حيث الاتّحاد و التحلل . (صورة 5 و 6 )
لاَ تَبحَثَنَّ عن الظّهور فقد تُصاب بالغرور
وَانْشُطْ بفِعْلِكَ خِفْيَةً فكذلك تُقضَى الأمور
كن كالهواء مُنْعِشًا لاَ كَالدُّخَانِ إذْ يَبُور
…………………………………………….
لا ترى الريح بِعَيْنٍ و ترى منها الأثر
حَسِّنِ الأوْضَاعَ سِرًّا دُونَ سَعْيٍ لِنَظَر .
صورة 5
صورة 6
و مسك الختام الراحة و الاستسلام
فبعد الإمساك بالزّمام ، يُسَاقُ الموقف لبر الأمان ، فيأتي دور الإسقاط ، بأسراره الخفية و آهاته الزكية ، فبعد عُلوِّ الماء وارتفاعه الكبير يخر من عليائه منبسطا على الحصير، فتسمع للماء خرير و شقشقة و ترتيل ، و كأنه ساجدا صاغرا على ضفاف الحصير (5)
فبعد الهجوم يأتي الوُجُوم(7) ، و لا بد لكل حركة من سكون … إنها سنة الكون و القانون ، و هكذا قد يتكرر المشهد و يدوم ، إلى أن يتجلّى الصُّبْحُ و تنقشعُ الغيوم …
29/11/2020 رمزي شبيل
—————————————-
1 : هي النظرة الروحية و الفلسفية لرياضة المونوتييزم
2 : الآية القرآنية الروم 41 : ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) ا ….
3 : هجوم مشروع إذا نظرنا إليه من جانب تكويني أما إذا نظرنا إليه من جانب تشريعي فهو مذموم و يعاقب صاحبه قانونا …فأي حدث في هذا الكون خيرا كان أم شرا إلا و يتحقق بمشيئة إلهية ، فالإله هو القاهر فوق عباده ، وهو الحكيم الذي جعل لكل شيء قدرا ، فقد يكون مثلا فعل الإنسان من النظرة التكوينية خير و لكنه من النظرة التشريعية شر و يعاقب عليه ، و مثال ذلك كأن يلقي أحدنا قشرة موز على رصيف تكون سببا لانزلاق أحد المارة و هذا فعل مذموم و يعاقب عليه تشريعا و لكنه من النظرة التكوينية قد يكون جزاء وفاقا لذلك الإنسان المصاب إثر انزلاقه ، ذلك لأنه عنف مثلا والدته المسكينة و ضربها بيده فما كان منها إلا أن دعت عليه بأن يكسر الله يده ، فتحقق دعائها فور خروجه من البيت … فتأمل !
4 : إرجع إلى رواق التقديم في نفس الموقع www.monotheisme.net تحت عنوان القواعد الأساسية و الكونية لرياضة المونوتييزم .
5 : صورة من الصور الكونية لسجود الكائنات ، بحث سيقع نشره تحت عنوان السقوط و فلسفته في رياضة المونوتييزم (نظرة رياضة المونوتييزم لحركات السقوط و الإسقاط) .
6 : بيت من قصيدة الإمام الشافعي ، القصيد (حسبي بعلمي إن نفع *** ما الذل إلا في الطمع …)