لقد نشأت في هذه الرياضة التي كانت آثارها الإيجابية كثيرة جدّا ، أحسست فيها بالمعنى الحقيقي و الكامل للمسؤولية الذاتية التي قد يفقدها ممارسي الرياضات الأخرى و خاصة الرياضات الجماعية منها …
رياضة الجودو ليست حركات فنيّة دفاعية فحسب بل هي منظومة تربوية بامتياز و منهج حياة يعتمد على المرونة و اللّطف .
إن من يختزل أهداف رياضة الجودو في اكتساب قوّة بدنية أو انتصار في محافل دولية أو امتيازات مادية لم يفهم مطلقا المفهوم الأساسي لرياضة الجودو .
كما أن مؤسس الجودو المعلم : جيكورو كانو ( Jigoro Kano ) حاول جاهدا التعريف بهذا الفنّ في الكثير من المناسبات و أهمها المؤتمر الذي عقده في جامعة كاليفورنيا سنة 1932 للتعريف بالجودو ، حيث بيّن أن الجودو هو طريق المرونة
جو : المرونة
دو : طريق
Ju – do = voie de la souplesse
فالجودو عند مؤسّسه هو طريق المرونة حتى أن المدرسة التي كان قد أسّسها لتعليم الجودو سمّاها ( الكودوكان ) (kodokan) بمعنى : مدرسة تدريس الطريقة و هذا يؤكد أقوال كبار معلّمي الجودو في اليابان مثل المعلم ( أودا ) صاحب الدرجة التاسعة إذ يقول :
تعلّم الجودو لربح مقابلة أمر خاطئ
Utiliser le judo pour gagner une compétition et une erreur
(Oda 9eme Dan)
كذاك المعلم : (تاداوو إينوكاي) صاحب الدرجة الثامنة يقول :
وحدهم أصحاب الدرجات العليا في الجودو قادرين و في يوم معلوم على فهم الرسالة المقطعة (المتفرقة) لجيكورو كانو
Seuls les hauts gradés de judo pourront comprendre, et un jour préciser , le message interrompu de Jigoro Kano
(Tadao Inogai 8eme Dan)
و لكن ما نراه اليوم و للأسف الشديد في طرق التعليم و التدريب و تصرفات أغلب المدرّبين و المدرّسين ينصبّ في الجانب البدني المادي لا غير و ذلك بتحسين الصفات البدنية لكسب الانتصارات دون الأخذ بعين الاعتبار للجوانب النفسية و الروحية و الأمثلة على ذلك كثيرة جدّا…
فالانحراف الممنهج أو التلقائي على المبادئ الأساسية لروح رياضة الجودو يُفقدها أهدافها النبيلة و غاياتها السامية .
إلى رياضة المونوتييزم
و بما أن كل الأفعال و الحركات و الأفكار و الصفات و كل رقيقة و دقيقة من حياة الإنسان مستقرها النفس ، كان من الأجدى الاهتمام بهذه النفس و آلياتها .
هنا يكمن دور رياضة المونوتييزم المتمثل في طريق الانسجام التام للوصول إلى الغاية القصوى و الهدف السامي ألا وهو : التوحيد الشامل ،
التوحيد في الأفعال ، التوحيد في الحركات ، التوحيد في الأفكار ، التوحيد في الصفات …. و بالتالي توحيد النفس 1
فالمونوتييزم هي رياضة عالمية و وسيلة عملية فعالة توجه ممارسها نحو السمو و الكمال الإنساني و ذلك باستعمال التمارين الحركية و التدريبات الفنية المتنوعة بأبعادها النفسية .
رياضة المونوتييزم لا تقتصر على الحركات الفنية الدفاعية كما هو معروف في رياضات الفنون الدفاعية مثل الجودو و الكاراتي و الجوجوتسو و ….. و لكنها تتعداها إلى ما هو أعمق و أشمل فهي رياضة مطلقة لا حدود لها و لا قيود ، لا يحويها مكان كما هو الشأن في الرياضات الدفاعية الأخرى و التي تتطلب بساط و قاعة تدريب ، فكل مكان و أينما كان تمارين المونوتييزم سهلة و بالإمكان .
فلا ضرورة لمكان خاص و لا ضرورة للباس خاص و لا يقيدها زمان ، فكل إنسان طفلا كان أم شابا ، كهلا كان أم شيخا ، نحيفا كان أم سمينا ، سليما كان أم قاعدا بإمكانه ممارسة هذه الرياضة التي تلبي الحاجة حسب القدرة و الاستعداد ، فيمارسها و يتقن حركاتها الفنية بمفرده و دون عناء ، و يتدرج في سلم الصعود لبلوغ المقصود ، مع إمكانية التوجيه السلس المحمود من قبل المعلم المنشود في حصص تدريبية متفرقة و معدودة تضبط عند الحاجة للتعديل و حسن البيان .